كيف تستفيد من طاقات القوة العاملة مع اختلاف الأجيال؟

كيف تستفيد من طاقات القوة العاملة مع اختلاف الأجيال؟ 

يتألف المشهد المؤسسي اليوم من مزيج متنوع من الفئات العمرية المختلفة، حيث يحدث اندماج بين أصحاب الخبرة من أبناء جيل طفرة المواليد “مواليد أفراد هذا الجيل ما بين العامين 1943 و 1960” المتمرسين وبين المبدعين الجُدد من أبناء الجيل زد “مواليد أفراد هذا الجيل بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من الألفية الثانية”، ويكمُن التحدي — على مستوى قادة الموارد البشرية وصناع القرار — في الجمع بين هذه الرؤى المتباينة في نسيج واحد لبناء قوة عاملة مترابطة ومتفاعلة.

يبحث هذا المقال تفاعلات القوة العاملة التي تتكون من أجيال مختلفة، ويسلط الضوء على مزايا التنوع العمري، ويزوِد القادة باستراتيجيات لسد الفجوة بين الأجيال. إن تبني هذه الممارسات يُمكِّن القادة من تهيئة مكان عمل لا يتَّسم بالتنوع فحسب بل مستعد أيضاً للتطور والنمو غير المسبوق.

كيف تستفيد من طاقات القوة العاملة

كيف تستفيد من طاقات القوة العاملة

ما هي القوة العاملة التي تتكون من أجيال مختلفة؟

القوة العاملة التي تتكون من أجيال مختلفة هي ناتج اندماج عصور مختلفة، حيث تنصهر جوانب القوة التي تتميز بها كل هذه العصور داخل بوتقة واحدة، فيقوم جيل طفرة المواليد بخبرته الواسعة بدور المرساة للسفينة، فيدعم هذه القوة العاملة المتنوعة بمعرفته الواسعة في ميدان العمل وأخلاقيات العمل القويمة التي يتمسك بها. أما الجيل اكس “مواليد الفترة من أوائل أو منتصف الستينيات حتى أوائل الثمانينيات” فيستغل قدرته على التكيف لسد الفجوة بين التقاليد الراسخة والتقنيات الناشئة، ويقوم جيل الألفية بما يتمتع به من مرونة وعزيمة بدور الدفة في السفينة، فيقودها إلى بر الأمان بتحقيق التكامل والتوازن بين العمل والحياة في ظل اقتصاد شهد صعوداً للعمل الحر. أمّا أبناء الجيل زد الذين يمثلون آخر أجيال القوة العاملة فيرفعون لواء الرقمنة فيبتكرون حلولاً تقنية حديثة في مكان العمل ويغرسون فيه اهتمامهم الشديد بالمسؤولية الاجتماعية.

إن الجمع بين هذه الرؤى المتباينة لهذه الأجيال المختلفة يُفرِز تجارب مفيدة من شأنها أن تحسن تفاعلات الموظفين في أماكن العمل وتدفعها إلى الأمام، ومع ذلك، فإن الأمر لا يخلو من بعض التحديات، فاختلاف أساليب التواصل وتفضيلات العمل، وتباين المهارات التقنية قد يؤدي إلى حدوث احتكاك، حيث يصطدم الهيكل التنظيمي الهرمي التقليدي بالهيكل المتشابك الأكثر تسطحاً التي تفضله الأجيال الأحدث، مما يتطلب تحقيق الموازنة الدقيقة بين هذه الأجيال في التوقعات ومناهج الإجراء وطرق العمل المتباينة.

غاية قادة الموارد البشرية هي الاستفادة من هذه الرؤى المتنوعة للأجيال المختلفة لتهيئة بيئة عمل تفاعلية ومترابطة، وبذلك يُمكِنهم تحويل الاحتكاك المحتمل بين الأجيال المختلفة إلى حالة من التضافر والتعاون، مما يساعد على حشد كافة هذه المواهب والرؤى. لا يترتب على ذلك الاحتفاء بتنوع القوة العاملة فحسب، بل كذلك التوفيق بين أفرادها على نحو يتسق مع أهداف المؤسسة، مما يدفع عجلة الإبداع إلى الأمام ويضمن النجاح المستدام في ظل التطور المُطَّرد على ساحة الأعمال. 

ما أهمية التنوع العمري؟

التنوع العمري من السمات المفيدة والمحركات المهمة التي تُسهِم في نجاح المؤسسات، حيث إنه يترتب عليه المزج بين الرؤى الحكيمة للموظفين القدامي والأساليب المبتكرة للموظفين الجُدد، مما يُهيئ بيئة تفاعلية مواتية للإبداع وحل المشكلات بأساليب مبتكرة. هذه التوليفة من الخبرات المتنوعة تُشجِّع على إعادة النظر في الأساليب التقليدية واستحداث حلول ابتكارية مما يساعد الشركات على تحدي الحالة الراهنة والتفوق على المنافسين.

التنوع العمري للفريق يُسهِم في تكوين رؤى عميقة وشاملة لاحتياجات العملاء من مختلف الأجيال، حيث إن تنوع الفريق يعكس التنوع العمري لقاعدة العملاء، وهو ما يساعد على طرح منتجات وخدمات تلقى رواجاً واسعاً. على سبيل المثال، يُسهِم اختلاف الآراء في إيجاد حلول فعالة من خلال المزج بين فطنة وحنكة الموظفين القدامي والأساليب والتقنيات الحديثة التي يتَّبِعها الموظفون الجُدد. الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تحقيق نتائج أكثر فعالية، وتهيئة ثقافة في المؤسسة قوامها الاحترام والاستعداد للتعلُّم.

للاستفادة من هذ التنوع إلى اقصى درجة، يجب على إدارة الموارد البشرية ترسيخ ثقافة متنوعة تُقدِّر إسهامات الأجيال المختلفة، مما يشجع الموظفين على المشاركة والتفاعل ويرفع معدلات استبقائهم. أماكن العمل التي تحتفي بالتنوع العمري قادرة على تقليل معدل دوران الموظفين، وزيادة الشعور بالرضا الوظيفي، الأمر الذي يصب في النهاية في مصلحة العلامة التجارية لصاحب العمل.

لكي تزدهر أي مؤسسة في السوق العالمية شديدة التنوع، على قادة الموارد البشرية أن يتبنوا جميع المواهب المتاحة من مختلف الأجيال ويدعمونها لضمان تهيئة أماكن عمل تتسم بالتنوع والتفاعل والمرونة. 

إيجابيات وسلبيات تعدد الأجيال في القوة العاملة 

تُعدُّ القوى العاملة التي تضم أجيالاً مختلفة فرصة فريدة لتعزيز الثراء الوظيفي والإبداع المؤسسي، علماً بأن مفتاح تفجير هذه الطاقات يتمثل في تحويل نقاط الضعف الكامنة في هذا التنوع إلى نقاط قوة مشتركة. 

للقيادة دور محوري في هذا التحول، فبتهيئتها لبيئة تشجع على وجود مرشدين من مختلف الأجيال، ستتمكن الشركات من تهيئة تربة خصبة مواتية للنمو تتضافر فيها خبرة وحنكة الموظفين القدامي مع البراعة التقنية للموظفين الجُدد، بحيث يُصبح هذا الدور الإرشادي بمثابة قناة لتبادل المعرفة، مما يدفع الشركة إلى الأمام كثمرة لاستقرارها وقدرتها على التكيف. 

لكي ينجح القادة في تحقيق ذلك، عليهم إرساء ثقافة ترحب بمختلف أساليب التواصل وأنماط العمل والحياة التي يفضلها الموظفون على اختلافهم وتنوعهم. يُمكِن للمؤسسات الحد من الاحتكاكات وبناء فريق عمل مُوحَّد يتسم بالمرونة من خلال قبول هذه الاختلافات وتقديرها وتحديد أهداف وقِيَم مشتركة بين الجميع. يُسهِم هذا الأسلوب في سد الفجوات بين الأجيال وتهيئة أماكن عمل يُمكِن لجميع الموظفين فيها — بغض النظر عن أعمارهم — تحقيق النجاح والازدهار للشركة بطرق مثمرة وفعالة.

إستراتيجيات قيادة القوة العاملة متعددة الأجيال

لكي يتمكن القادة من قيادة قوة عاملة تضم أجيال مختلفة، عليهم اتِّباع إستراتيجيات تفاعلية وتتسم بالتنوع على غرار قوة العمل نفسها. سنستعرِض أدناه إستراتيجيات عملية تتخطى حدود الفهم الأساسي لخصائص الأجيال المختلفة:

مرونة ترتيبات التواصل: بادِر إلى تنفيذ إستراتيجية تواصل توظف مجموعة من قنوات الاتصال المُعدَّة خصيصاً وفقاً لتفضيلات الأجيال المختلفة. مثلاً، يُفضِّل جيل طفرة المواليد التواصل الرسمي والاجتماعات الشخصية المباشرة، بينما يُفضِّل جيل الألفية والجيل زد التفاعل من خلال الرسائل الفورية وعبر منصات التواصل الاجتماعي. يُمكِن أن يَستخِدم القادة مزيجاً من هذه الوسائل لضمان توصيل الرسائل الهامة على نحو يلقى صدى لدى الجميع.

مرونة ترتيبات العمل: احرِص على تطوير مجموعة من ترتيبات العمل التي تُراعي مختلف الفئات العمرية وأساليب العمل، بما في ذلك خيارات العمل عن بُعْد لمن يُقدِّرون ضرورة الموازنة بين العمل والحياة الشخصية، أو وظائف الدوام الجزئي للمحترفين شبه المتقاعدين، أو أسابيع العمل المكثف للعاملين الراغبين في متابعة المزيد من المسارات التعليمية أو قضاء أوقات أطول مع أسرهم.

الاستعانة بمختلف الأجيال في الإرشاد: عند إعداد برامج الإرشاد التبادلي عليك مراعاة المزج بين الموظفين الشباب والموظفين القدامى، لأن ذلك يسمح بتبادل المعارف والمهارات بين الجانبين، حيث يتعرف الموظفون المحنكون على التقنيات والاتجاهات الحديثة، ويكتسب الموظفون الشباب الفهم العميق والفطنة المهنية.

فرص التعلم مدى الحياة: احرِص على تهيئة فرص التعلُّم مدى الحياة لجميع الأجيال، بما في ذلك إتاحة التعلُّم عبر منصات التعلُّم الإلكتروني أو توفير ورش العمل التي تناقش الاتجاهات الناشئة في مجال عمل المؤسسة، أو حتى دعم مواصلة الموظفين لتعليمهم. كل هذه المبادرات الغرض منها إفساح المجال أمام أساليب التعلُّم المختلفة التي تلائم كافة الموظفين على اختلافهم، كلٌّ حسب قدرته وسرعته في الاستيعاب.

التنوع في اتخاذ القرار: احرِص على إشراك الموظفين من مختلف الأجيال في عمليات اتخاذ القرارات، ويُمكِن أن يتم ذلك من خلال إقامة مجموعات التركيز بشكل دوري، أو إتاحة صناديق المقترحات، أو بتمثيل جميع الأجيال في فرق المشروعات. هذه المرونة تضمن مراعاة وجهات النظر المتنوعة في قرارات الشركة، مما يُعزِّز الشعور بالمسؤولية في نفوس القوة العاملة.

برامج تقدير الموظفين: بادِر إلى إنشاء برامج تقدر الموظفين وتحتفي بمجموعة واسعة من الإنجازات، بدءاً من التثبيت في الوظيفة وتحقيق نتائج مقاييس الأداء المعمول بها وحتى الأفكار الإبداعية والمبتكرة والإسهامات في ترسيخ ثقافة الشركة. يساعد ذلك على الاعتراف بقيمة وأهمية الخبرة والأفكار الحديثة على حد سواء. 

تنسيق المسار الوظيفي: احرص على طرح العديد من المسارات الوظيفية التي تأخذ في الاعتبار مختلف صور النجاح، نظراً لأن الأهداف تختلف من شخص إلى آخر، فالبعض يهدف إلى الصعود التقليدي في السلم الوظيفي، في حين يُقدِّر البعض التحركات الجانبية أو العمل على مشروعات، مما يسمح لهم ببناء محفظة مهنية قوية.

بتنفيذ هذه الإسترتيجيات، يُمكِن للقادة إعداد قوة عاملة يُقدِّر كل جيل من الأجيال المُمثَّلة فيها جوانب الإبداع في الأجيال الأخرى، مما يدفع الشركة بقوة إلى الأمام قُدُماً، ويُعزِّز التفاعل، ويُحسِّن الإنتاجية، ويجعل المؤسسة في وضع يسمح لها بالاستفادة القصوى من قدرات جميع أطياف القوة العاملة فيها.

الممارسات المُثلى لإدارة القوة العاملة التي تضم أجيالاً مختلفة

لإدارة القوة العاملة التي تضم أجيالاً مختلفة، يجب أن يُركِّز قادة الموارد البشرية على صياغة سياسات متنوعة ومرنة، والتركيز على التعلُّم المستمر، وكذلك الحرص على التواصل الواضح. نستعرِض أدناه نبذة عن هذه الممارسات المُثلى

السياسات المتنوعة المرنة : احرِص على تنفيذ ترتيبات مرنة في العمل بما يدعم مختلف الشرائح العمرية، مثل خيار العمل عن بُعْد للموازنة بين العمل والحياة، وخيار التقاعد التدريجي للموظفين كبار السن، حيث تعكس مثل هذه السياسات التزام المؤسسة بدعم احتياجات الموظفين على اختلافها. 

التعلُّم المستمر: بادِر إلى إتاحة برامج التعلُّم والتطوير لجميع الموظفين لتسهيل عملية تطوير المهارات وتعزيز روح التفاهم بين الأجيال المختلفة، مما سيُسهِم بدوره في ترسيخ ثقافة التعاون والتعاطف في مكان العمل.

التواصل الواضح: احرص على الشفافية في التواصل لضمان إلمام جميع الموظفين بأهداف المؤسسة والتزامهم بها. يساعد فتح قنوات التواصل وتقديم الملاحظات التقييمية على تهيئة بيئة تفاعلية ومرنة يشعر فيها الجميع بالتقدير وبأن أصواتهم مسموعة. 

يمكن لقادة الموارد البشرية ترسيخ ثقافة مكان العمل التي تُقدِّر الاحترام المتبادل والتنوع والقدرة على التكيف، الأمر الذي يساعد المؤسسة على الاستفادة من تنوع القوة العاملة ويدفعها قُدُماً نحو تحقيق النجاح.

خاتماً 

تُعد القوة العاملة التي تضم أجيالاً مختلفة ثروة متنوعة، وعند إدارتها وتوجيهها ببراعة تصبح مصدراً للصمود والإبداع في أي مؤسسة. أما عن فوائدها الأساسية لقادة الموارد البشرية فتتمثل في إرساء ثقافة تُقدِّر الإسهامات الفريدة لكل جيل، وتهيئة بيئة تُوفِّر فرص التعلُّم المستمر وتُطبِّق مجموعة من السياسات المرنة، وأخيراً ضمان تحقيق التواصل بين الأجيال المختلفة بوضوح وفعالية.

بتحقيق الاستفادة الاستراتيجية من الخبرات والآراء المتنوعة لجميع الفئات العمرية، يمكن للمؤسسات أن تحسن من قدراتها على حل المشكلات، وزيادة التفاعل والقدرة على التكيف على مستوى المؤسسة بأكملها. يعتمد مستقبل المؤسسات بطبيعة الحال على الأجيال المختلفة، ونجاح الشركات في ظل هذا المشهد يُقاس بناءً على قدرتها على توحيد مواهبها المختلفة في نسيج واحد يتسم بالترابط والإبداع.

ماذا تُقدم نوليدج سيتي للشركات والمؤسسات في هذا الأمر؟

الاختلافات بين الأجيال في بيئات العمل المعاصرة” هذه هي إحدى الدورات التدريبية المُقدمة من نوليدج سيتي التي تُناقش هذا الأمر بالتفصيل، حيث تُساعد هذه الدورة التدريبية الموظفين على الآتي:

-فهم خبرات وطبيعة كل جيل من الأجيال

-التعرف على قيّم كل جيل من الأجيال وما هو متوقع منه

-تعلُّم تقييم الاختلافات بين الأجيال وكيفية إنشاء أساس مشترك للتواصل

-تعلُّم كيفية التواصل والتقارب بين الأجيال

مازالت مكتبة نوليدج سيتي التدريبية تعُج بالعديد من الدورات التدريبية الغنية في العديد من مجالات التدريب لموظفي الشركات ومؤسسات الأعمال مثل قطاع إدارة الأعمال وقطاع المالية وقطاع السلامة والعديد والعديد.

يمكنك اكتشاف مميزات وخصائص مكتبة نوليدج سيتي من خلال تسجيل حساب شركات مجاني، لتكتشف عالماً فريداً لا مثيل له من الدعم والتدريب والتعليم المهني والعلمي على أعلى مستوى من الاحترافية مقدم لموظفي الشركات والمؤسسات لضمان تقدمهم ومواكبتهم أحدث التقنيات والمواد العلمية بما ينعكس ذلك أثره على دفع مؤسساتهم وشركاتهم للأمام ولتحقيق مزيد من الإنتاجية والتقدم.

المقال التالي
المقال السابق
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك في نشرتنا الدورية

انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.

حدد المواضيع التي ترغب في الاشتراك فيها