كيف تساعد موظفي شركتك في الحفاظ على صحتهم النفسية في ظل التحدِّيات

كيف تساعد موظفي شركتك في الحفاظ على صحتهم النفسية في ظل التحدِّيات

قد يصعُب على الموظفين في عصرنا الحالي الحفاظ على صحتهم النفسية، على الأخص مع التطور السريع في عالم الأعمال الذي يترك خلفه من لم يستطع مواكبة تلك السرعة، مما يؤدي إلى الشعور بالتوتر والقلق الشديد. ويزداد هذا الوضع سوءاً لدى الأشخاص الذين يعملون لدى أصحاب العمل والمديرين الذين لا يفهمون مُسبِّبات التوتر النفسي أو لا يدركون تأثيره.

كيف تساعد موظفي شركتك في الحفاظ على صحتهم النفسية في ظل التحدِّيات

كيف تساعد موظفي شركتك في الحفاظ على صحتهم النفسية في ظل التحدِّيات

 

لكن ما المقصود بالصحة النفسية بالضبط، وكيف تستطيع المؤسسات والشركات مساعدة الموظفين الذين يعانون نفسياً؟ سنوضح لك الإجابة في هذا المقال، وسنتناول أيضاً الاستجابة للتوتر ونصائح بشأن التعرف على استجابتك للتوتر وكيفية إعداد مجموعة أدوات لمساعدة الموظفين على التعامل مع التوتر بشكل أفضل، بالإضافة إلى بعض تمارين التنفس الفعَّالة وطويلة الأمد للحفاظ على الصحة النفسية.

ما المقصود بالصحة النفسية؟

الصحة النفسية مصطلح شامل يُشير إلى كل ما يؤثر في عقل الشخص. وتصف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها “حالة صحية يدرك فيها الفرد قدراته الذاتية ويستطيع التعامل مع ضغوط الحياة العادية والعمل بإنتاجية ويكون قادراً على المساهمة في مجتمعه”.

تتشابه الصحة النفسية مع الصحة البدنية، كما أنهما مرتبطتان في نواحٍ كثيرة. وتتغير الصحة النفسية باستمرار، تماماً مثل الصحة البدنية، فقد يشعر الشخص في أحد الأيام أنه يتمتع بصحة نفسية جيدة، وفي يومٍ آخر قد يشعر أنه سيفقد عقله. حياتنا المعاصرة قد تكون فوضوية في بعض الأحيان، ومع التنبيهات التي تصلنا من وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مستمر والتي تحمل أخباراً مزعجة، من الطبيعي أن نشعر بالقلق تجاه الكثير من الأمور، مثل العنف والحرب والعنصرية وغير ذلك الكثير.

لماذا يجب على المؤسسات الانتباه للصحة النفسية؟

تخيَّل أن أحد الموظفين يمر بفترة عصيبة، قد يكون فقد أحد أقاربه أو أصدقائه المُقرَّبين مؤخراً، ووقع في فخ اجترار الأفكار السيئة والتفكير السلبي. إذا لم تكن لديه مهارات التكيُّف المناسبة قد تتأثر صحته النفسية سلباً، مما يؤدي إلى تراجع معدل إنتاجيته. هذا مجرد مثال واحد على تأثير الصحة النفسية في مكان العمل.

ما المقصود بالتوتر؟

يرتبط التوتر بالصحة النفسية ارتباطاً وثيقاً، لكن ما المقصود بالتوتر بالضبط؟ إنه مصطلح شامل، تماماً مثل الصحة النفسية، وتصف منظمة الصحة العالمية التوتر بأنه “رد الفعل الذي يعانيه الأشخاص عند تعرُّضهم لمطالب وضغوطات لا تتناسب مع معرفتهم وقدراتهم ويصعب عليهم التكيُّف معها”.

الحقيقة هي أن البالغين يشعرون بالتوتر طوال الوقت، سواء كانوا يعرِّفونه بالاسم أم لا، ولكن يوجد نوعان من التوتر: التوتر الصحي وغير الصحي. لنتحدث أولاً عن التوتر الصحي.

يحقق الأشخاص النجاح ويشعرون بمزيد من الراحة عند التزامهم بأعمالهم الروتينية، لذلك يشعرون بالتوتر عند حدوث أي شيء يتسبب في عرقلة روتينهم. مثلاً، الشخص الذي يخرج خارج دائرة راحته يشعر بالتوتر، لكنه نوع صحي من التوتر، لا يتسبب في الشعور بالإنهاك.

من ناحية أخرى، التوتر غير الصحي يظهر عندما يشعر الفرد بالعجز عن إجراء أي تغيير، وهو شعور عام باليأس. يتكرر ذلك بشكل أكبر إذا لم يكن الشخص يتمتع بمهارات التكيُّف المناسبة أو إذا كانت مهاراته في التكيُّف لا تتناسب مع التحديات التي يواجهها.

الاستجابة للتوتر وأهمية هذه الاستجابة في العمل

تُشير الاستجابة للتوتر إلى كيفية استجابة الأفراد للتوتر. وتتخذ الاستجابة للتوتر أشكالاً متعددة، لكن الشكل الأكثر شيوعاً هو الكر أو الفر. هل تعرَّضت من قبل لموقف مفزع، حيث اجتاح حواسك شعور بعدم اليقين تجاه أمر مهم؟ هذا الشعور هو استجابة الكر أو الفر.

لنوضح الأمر بالتفصيل. يُشير مصطلح “الكر” في “الكر أو الفر” إلى الاستمرار في مواجهة الموقف أياً كان، بينما يُشير مصطلح “الفر” إلى الفرار وتجنب الموقف. ليس من الضروري أن تكون هذه الاستجابة بدنية، لكنها تنطبق على المسائل الشعورية أيضاً. ولكن مُسبِّبات التوتر (التي تحفز استجابة الكر أو الفر) ليست دائماً مُهدِّدة للحياة، فمثلاً إذا كنت تخاف من التحدث أمام الناس، يمكن اعتبار ذلك مُسبِّباً بسيطاً للتوتر.

يُعد هذا الأمر مهماً في مكان العمل، لأن الاستجابة للتوتر قد تكون مزعجة. فقد يصدر عن الموظف الذي يشعر بالتوتر الشديد سلوكيات مزعجة مثل الصياح أو التفوُّه بألفاظ بذيئة أو كسر الأشياء، بينما قد يستجيب موظف آخر للتوتر بالتوقف عن العمل وفقدان الحماس اللازم لتحقيق الإنتاجية في العمل. المغزى من هذا المثال هو توضيح أن لكل شخص استجابة مختلفة، لذلك من المهم أن تتواصل مع الموظفين.

استراتيجيات لمساعدة الموظفين في تقليل التوتر والتعامل معه

يجب أن يفهم كل موظف تأثير التوتر عليه، لكن الأهم من ذلك أن تكون لديه استراتيجيات للتعامل مع التوتر. هذه المجموعة من الأدوات ستساعدهم في ذلك. عندما تلتقي بالموظفين، لاحظ إذا ما كانت لديهم مهارات تكيُّف طويلة المدى وقصيرة المدى، وإذا لم تكن لديهم مثل هذه المهارات، وضِّح لهم بعض الاستراتيجيات التالية أو جميعها.

قبل طرح الأدوات والاستراتيجيات يجب الإشارة إلى أن أسلوب تدوين التقدم قد يدعم بعض الطرق الواردة في مجموعة الأدوات التي سيتم عرضها، فتصبح أكثر فائدة. شجع الموظفين على ملاحظة تقدمهم وتدوينه، سواء كان ذلك على الورق أو الهاتف الذكي، فقد يساعدهم ذلك في ملاحظة أنماط معينة وإجراء التعديلات اللازمة.

التنفس واليقظة الكاملة

الأداة الأولى في مجموعة الأدوات هي تمارين التنفس. تعمل هذه التمارين على تقليل التوتر، لأنها تساعد من يمارسها في التركيز على اللحظة الحالية وتفصله عن تأثير الجهاز الحوفي، الذي يُعرف أيضاً بالدماغ الشعوري.

يمكنك مثلاً أن تقترح على رؤسائك تنظيم جلسات جماعية قصيرة لممارسة تمارين التنفس بشكل دوري، ويمكنك البدء بجلسة قصيرة لمدة من 3 إلى 5 دقائق بعد وجبة الغداء. استخدم أحد أساليب التنفس التالية أو جميعها:

  • التنفس المربع: خُذ شهيقاً ببطء مع العدِّ إلى 4. احبس أنفاسك، وعِد إلى 4. اخرج الزفير مع العدِّ إلى 4. وبمجرَّد خروج الزفير، احبس أنفاسك لمدة 4 ثوانٍ قبل إعادة الكرة مرة أخرى. جرِّب الآن: خُذ شهيقاً (4). احبس أنفاسك (4). اخرج الزفير (4). احبس أنفاسك (4)، ثم أعد الكرة مرة أخرى من البداية.
  • التنفس بأسلوب 4 – 7 – 8: يشبه التمرين السابق. خُذ شهيقاً ببطء لمدة 4 ثوانٍ. احبس أنفاسك لمدة 7 ثوانٍ. اخرج الزفير لمدة 8 ثوانٍ، ثم أعد الكرة مرة أخرى من البداية بأخذ شهيق مع العدِّ إلى 4. جرِّب الآن: خُذ شهيقاً (4). توقَّف مؤقتاً (7). اخرج الزفير (8)، ثم ابدأ مرة أخرى من البداية.
  • التنفس المتناسق: في هذا التمرين، ستأخذ شهيقاً مع العدِّ إلى الرقم 6، ثم اخرج الزفير مباشرة بدون حبس الأنفاس مع العدِّ إلى الرقم 6. جرِّب الآن: خُذ شهيقاً (6). اخرج الزفير (6)، ثم خذ شهيقاً لمدة 6 ثوانٍ مرة أخرى.

اطلب من المديرين والموظفين ملاحظة شعورهم بعد التمرين ليتمكنوا من تحديد التمرين الذي يناسبهم بشكل أفضل.

ادعم تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية

توفير الأدوات التي تساعد الموظفين في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية قد يؤهلك للفوز بجائزة مدير العام. ومن أساليب المحافظة على صحة الموظفين النفسية هي مساعدتهم على الحفاظ على صحتهم الجسدية من خلال ممارسة التمرينات الرياضية وتناول الأغذية الصحية، حيث إن الصحة النفسية تؤثر في الصحة الجسدية، والعكس صحيح أيضاً، فالطريقة التي نتعامل بها مع أجسادنا يمكن أن تنعكس على صحتنا النفسية.

من الأفكار الرائعة أن تستعين بمدرب يوجا ليدرب الموظفين على فنون اليوجا في المكتب أو في مكان قريب منه، مرة أو مرتين شهرياً، لتجعل العناية الذاتية نشاطاً جماعياً ممتعاً. ومن الأفكار الأخرى أن تقدم للموظفين وجبات صحية. وأخيراً، شجِّع المديرين والموظفين على الاستفادة من أيام الإجازات المخصصة لهم.

إرساء ثقافة رفض إصدار الأحكام على الآخرين في مكان العمل

من أهم الأمور التي يمكنك الاستفادة منها من مجموعة الأدوات هي الاستماع إلى مشكلات الآخرين في العمل دون إصدار أحكام عليهم. اسمح للموظفين بالتحدث بصدق وصراحة في مكان خاص عن المشكلات التي يواجهونها، واتبع سياسة الباب المفتوح للسماح للموظفين بالحضور إلى قسم الموارد البشرية متى احتاجوا إلى المساعدة.

تقدير نجاح الموظفين

إذا وجدت أحد الموظفين يقدم أداءً جيداً في العمل، تأكد من مكافأته، سواء كان ذلك من خلال الثناء أو تقديم هدية، لأن الموظفين يؤدون عملهم بمزيد من السعادة، عندما يجدون أن بذل الجهد في العمل يلقى التقدير.

جعل مكان العمل أكثر أماناً وصحة

قد يكون التوصُّل إلى أساليب أفضل للتعامل مع الصحة النفسية في القرن الواحد والعشرين أمراً صعباً، لكنه ليس بالأمر المستحيل. من خلال تعليم موظفيك الاستراتيجيات قصيرة المدى، مثل أساليب التنفس، ومهارات التكيُّف طويلة المدى، مثل أخذ الوقت المناسب للعناية بأنفسهم، يمكنك مساعدة الموظفين على الاستمتاع بحياة أفضل، على المستوى الشخصي والمهني أيضاً.

 

المقال التالي
المقال السابق
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك في نشرتنا الدورية

انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.

حدد المواضيع التي ترغب في الاشتراك فيها