كيف يمكنك تغيير ثقافة مكان العمل السلبية؟

كيف يمكنك تغيير ثقافة مكان العمل السلبية؟

كشف استقصاء أجراه معهد مكافحة التنمر في مكان العمل عام 2021 عن بعض الحقائق المؤسفة عن أماكن العمل، حيث أقر حوالي 30% من الموظفين بأنهم تعرضوا للتنمر في مكان العمل، مع العلم أن 52% من المشاركين في الاستبيان يشغلون وظائف غير إدارية.

يتسبب التنمر، وغيره من مؤشرات ثقافة مكان العمل السيئة، في ضررٍ بالغ للموظفين والشركات على حد سواء، وعادة ما تنتهي غالبية الوقائع برحيل الموظفين الذين تعرضوا للتنمر إما بسبب الاستقالة أو الفصل نتيجة للاحتراق الوظيفي الذي أصابهم نتيجة التنمر.

لكن، التنمر ليس سوى علامة واحدة من علامات عديدة تُميز بيئة العمل السامة، لكنه أكثر ما يجذب الانتباه بسبب شدة انتشاره وخطورته. التعامل مع هذه المشكلات بعناية وتعاطف وحكمة لا يؤدي إلى رفع معنويات الموظفين فقط ولكن إلي تحسين صحتهم أيضاً. ورغم اتخاذ أماكن العمل السامة العديد من الصور الخبيثة، ما زال يمكنك محاولة إصلاح الضرر الناتج عنها.

كيف يمكنك تغيير ثقافة مكان العمل السلبية؟

كيف يمكنك تغيير ثقافة مكان العمل السلبية؟

علامات مكان العمل السام

لا تظهر العديد من بيئات العمل السامة للموظفين الجدد على الفور، فعادة ما تحرص الشركات على الظهور بأفضل صورة أثناء عمليات التوظيف وإجراء المقابلات وتأهيل الموظفين. وفي المقابل قد لا يدرك مسؤولو التوظيف والمديرون وجود المشكلة من الأساس، أي أنهم لا يتعمدون إخفاء المشكلات المتعلقة بالموظفين كأفراد أو بثقافة الشركة ككل.

تشمل العلامات المميزة التي تنم عن مكان عمل سام ما يلي:

  • التنمر والتجمعات والغيبة والمحاباة
  • نقص التجهيزات، وخاصة التجهيزات المتعلقة بذوي الهمم
  • الإدارة التفصيلية
  • السعي للكمال أو التوقعات غير الواقعية أو كلاهما معاً
  • التواصل غير الفعال أو غير الكافي أو المُسيء أو غير ذلك من أشكال سوء التواصل
  • غياب فرص النمو أو التدريب
  • غياب المساءلة أو إلقاء اللوم على الآخرين أو كلاهما
  • غياب المكافآت والحوافز الملموسة التي تحفز على النجاح مثل العلاوات والمكافآت

قد تكون الفرصة مازالت متاحة لإصلاح ثقافة العمل المهترئة، لكن يتوقف ذلك على مصدر السُمية بها. إذا بدأت علامات الخطر في المناصب العليا أو لم يتم التصدي لها، قد تتضخم المشكلات لتسبب معاناة عقلية وجسدية شديدة للموظفين، لأن شعور الموظفين بالضرر يلحق الضرر بالشركات بدوره.

آثار بيئة العمل السلبية

تنشأ بعض بيئات العمل السلبية، وليس جميعها بطبيعة الحال، نتيجة لأفكار عفا عليها الزمن حول كيفية إدارة مكان العمل. بالطبع يجب أن تحقق الشركة أرباحاً لتحافظ على بقائها، لكن تغليب ذلك على الاحتياجات البشرية الأساسية للموظفين يأتي بعواقب وخيمة للغاية. في حين تستثمر بيئات العمل الإيجابية في رفاهية الجميع على كل المستويات، قد يتسبب الفشل في تحقيق ذلك في أضرار بالغة لأهداف الشركة طويلة المدى.

من أهم الآثار الناشئة عن بيئة العمل السلبية:

  • الاحتراق الوظيفي
  • ازدياد طلب الموظفين لإجازات مرضية
  • ارتفاع معدل دوران الموظفين
  • انخفاض الإنتاجية
  • تقييد الإبداع والابتكار
  • توجهات وتطلعات سلبية من الموظفين
  • زيادة احتمالية وقوع الحوادث
  • تدهور التواصل
  • تداول الشائعات بشكل مستمر

يُلحق مكان العمل السام أيضا ضرراً بالغاً بالموظفين على المستوى النفسي والجسدي، فقد تصيبهم أعراض مثل:

  • الأرق أو صعوبة النوم بصفة عامة
  • القلق
  • الاكتئاب
  • اضطراب ما بعد الصدمة (تبعاً لحدة التنمر الذي تعرض له الموظف)
  • ارتفاع ضغط الدم
  • العادات الغذائية السيئة
  • خلل في التوازن بين العمل والحياة الخاصة
  • صورة ذاتية سيئة
  • زيادة خطر تعاطي المخدرات
  • زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب

في اليابان تصف كلمة كاروشي ظاهرة مأساوية وهي العمل حتى الموت، غالباً ما يكون ذلك جراء نوبة قلبية أو سكتة دماغية. لا توجد كلمة مكافئة لها في اللغة الإنجليزية ولكن توجد نفس المبادئ في بيئات العمل في الدول الناطقة باللغة الإنجليزية.

إصلاح الضرر الناجم عن مكان العمل السام، بل اتخاذ تدابير وقائية للتأكد من عدم ظهور ثقافة سامة داخل الشركة من الأساس، ينقذ حياة كثيرين.

كيفية تغيير ثقافة مكان العمل السلبية

قد تكون مهمة إصلاح الثقافة السامة في العمل معقدة، خاصة في الشركات القديمة التي تأصلت بها ثقافة مؤسسية ضارة. جملة “هكذا تسير الأمور” ليست عذرا مقبولاً لتجاهل كافة إشارات الخطر التي تنذر بأن الشركة لا تقدر موظفيها كبشر.

يتضمن العلم بكيفية تغيير ثقافة مكان العمل السلبية القضاء على السمات السامة القائمة فعلياً والعمل على منع تكرارها نهائياً. يستطيع أصحاب الأعمال الطموحين أو حديثي العهد الاستفادة من هذه المعلومات والعمل بها أيضاً لبناء ثقافة مؤسسية صحية وإيجابية منذ البداية.

عادة ما يتطلب إصلاح ثقافة العمل السامة الخطوات التالية:

  • إجراء استبيان يشمل جميع الموظفين. لا يمكن حل المشكلات إذا لم تتوافر لدى صانعي القرار الرئيسيين المعلومات المطلوبة بشأن ما يتعين إصلاحه. تُعد الاستبيانات الخفية التي تتم بمشاركة الموظفين دون ذكر أسمائهم، من أفضل الطرق المتاحة لجمع البيانات بشأن المشكلات الأكثر إلحاحاً، وأيضاً أسماء الموظفين الذين قد يكونون السبب الأساسي وراء التصرفات السامة في بيئة العمل.
  • تسهيل الحوار. الثقافة المؤسسية السلبية غالباً ما تقود الموظفين إلى الشعور بأنهم لا يستطيعون الحديث عن مشكلاتهم دون التعرض للنبذ أو العقاب. بعد جمع بيانات الاستبيانات الخفية وتحليلها، يجب على موظفي الموارد البشرية، أو غيرهم من المكلفين ببناء بيئة مهنية إيجابية، العمل على بناء الثقة في مكان العمل من خلال النقاشات الفعالة. يجب أن يكون مكان العمل آمناً، مع الوعد بعدم اتخاذ أي تدابير عقابية تترتب على الحوار الصادق المفتوح، بتقديم ضمانات خطية إذا لزم الأمر. الموظفون الذين يشعرون بالأمان يكونون أكثر ميلاً للانفتاح وتقديم حلول ثاقبة تتعلق بطريقة استمرارهم في العمل في الشركة.
  • تسهيل الشفافية. يفضل العاملون معرفة ما يحدث في العمل، خاصة عندما يتعلق الأمر بمعلومات مثل عملية صنع القرارات المتعلقة بمنح العلاوات والمكافآت والترقيات. تساعد الشفافية على نشر ثقافة الثقة. وضوح المقاييس والخطوط العريضة والبيانات الأخرى، بخلاف البيانات شديدة السرية مثل رقم التأمين الاجتماعي، يمنح الموظفين فرصة أفضل لتقييم ما يتعين عليهم القيام به لتحقيق أهدافهم المهنية. يقدِّر الموظفون أيضاً إحاطتهم علماً بكيفية توافق عملهم مع فرق العمل والأقسام الأخرى. لا يعتبر التقوقع بالضرورة ممارسة سامة بطبيعتها، لكنه يسهم بالتأكيد في تعميق الإحساس بالاغتراب في مكان العمل وهو ما قد يتحول إلى ممارسة فاسدة بمرور الوقت.
  • تقصي الأمر. استخدم الملاحظات التي يُبديها الموظفون، ولا تتركها في أسفل الأدراج أو صندوق البريد الوارد. استجب على الفور لأي تقارير عن التنمر أو التحرش أو غيرها من السلوكيات المؤذية، وأجر تحقيقاً شاملاً لأقصي درجة ممكنة مع الشخص المتهم. الموظفون الذين يرون مسؤولي الموارد البشرية والمديرين يأخذون مخاوفهم بشأن تصرفات الآخرين السامة على محمل الجد، يصبحون أقل رغبة في الاستقالة وأكثر ميلاً لمحاسبة بعضهم البعض بنفس الكيفية.
  • تطبيق ملاحظات الموظفين. يجب العمل على كسب ثقة الموظفين في المديرين وموظفي الموارد البشرية والمديرين التنفيذيين. يضع الموظفون ثقتهم في القادة الذين يظهرون اهتماماً بمشكلاتهم، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك في الواقع هي وضع ملاحظاتهم في الاعتبار. أسرع طريقة لتقويض الثقة في مكان العمل هي الاكتفاء بالكلام فقط وعدم الإنصات. تعامل مع الموظفين بقلب مفتوح ونية صادقة. لا تأخذ الأمور على محمل شخصي أو تتخذ موقفاً دفاعياً عندما تكون ملاحظاتهم سلبية. تعرف على ما يحتاجون إليه ليشعروا بالتقدير والاندماج والأمان، ثم نفذه، لأن ذلك يؤدي إلى استعادة الثقة المفقودة بأسرع الطرق
  • الحاجة إلى تدريب إضافي. إذا كشفت الملاحظات عن شعور الموظفين بالتمييز أو المضايقة أو التنمر، فقد يلزم إجراء تدريب على مستوى الشركة لمنح الموظفين مثيري المشكلات فرصة أفضل للتعرف على كيفية تقويم سلوكياتهم. إذا لم يأخذ بعض الموظفون تدريبهم على محمل الجد ويواصلون إثارة المشكلات، يمكنك منحهم دورة دراسية إضافية أو فصلهم تماماً.
  • منح مكافآت للعمل المتقن. كثيراً ما تتسبب ثقافة مكان العمل السيئة في شعور الموظفين بتعرضهم للعقاب لأداء عملهم بإتقان. كأن يُطلب منهم على سبيل المثال، تحمل المزيد من المسؤوليات، لأنهم أثبتوا جدارتهم، لكن دون منحهم أي تقدير أو مكافأة. ينشأ الإحساس بالسخط والإجهاد نتيجة التعامل مع الموظفين كوسيلة لتحقيق هدف ربحي بدلاً من التعامل معهم كبشر. تأكد من حصول الموظفين المجتهدين على المكافآت التي يستحقونها فعلاً، سواء كان ذلك في صورة ساعات عمل مرنة أو إجازات إضافية مدفوعة الأجر أو علاوات أو مكافآت أو ترقيات، حتى لا ينقلون مجهودهم وقدراتهم إلى شركة أخرى.

تخليص مكان العمل الضار من السموم، إذا جاز التعبير، يتطلب مثابرة. لا يكفي حل المشكلات ثم إعلان الانتصار فقط، بل يجب الحفاظ على التصرفات الصحية والآمنة في بيئة العمل للحيلولة دون الرجوع إلى العادات السامة.

  • مواصلة التدريب. حتى أماكن العمل الصحية تواصل الاستفادة من برامج التدريب من وقت لآخر، لأنها تساعد الموظفين في تعلم المزيد عن التواصل الواضح والاندماج وغيرها من السمات المميزة لبيئة العمل المريحة. لا يعد التدريب بالضرورة دلالة على وجود مشكلة متأصلة بالشركة، بل أحياناً ما يكون استثماراً ذكياً لتحويل الأوضاع الجيدة إلى ممتازة.
  • إجراء استبيانات بمشاركة الموظفين والاجتماع بهم بشكل منتظم. وجود دورة ملاحظات قوية تساعد القيادة في تكوين فكرة أفضل عن كيفية تنفيذ ملاحظات الموظفين. حيث تتيح لهم إجراء تعديلات وفقاً للإجراءات التي أثبتت نجاحها والتي لم تحقق المرجو منها، وأيضاً تلك التي تحتاج إلى تعديلات.
  • تعزيز ما هو إيجابي. بيئات العمل الصحية تبدأ من القمة، لذلك يجب ترقية الموظفين المسؤولين عن بناء مكان عمل إيجابي يتميز بالشفافية التي تُسهل عملية النمو. مع ارتقاء هؤلاء المسؤولين داخل الشركة، يتسع نطاق تأثيرهم. ويوضح ذلك أيضاً للموظفين أن التوجه الإيجابي سيساعدهم في بلوغ المناصب المرجوة.
  • تعيين أشخاص إيجابيين. يقول المثل الطيور على أشكالها تقع، وبناء سمعة شركتك كمكان رائع للعمل يحفز الموظفين الأكفاء على ترك شركاتهم السامة والبحث عن فرص في مكان آخر، فيصبح ذلك مثالاً يدفع الشركات المنافسة لإجراء بعض التغييرات في ثقافتها الداخلية للاستمرار في النجاح.

يمكن تغيير بيئة العمل السامة، فبغض النظر عن مدى خطورة المشكلات أو شدة تغلغلها، هناك دائماً حلول متاحة تعيد الشركة للمسار الصحيح مرة أخرى.

الدورات التدريبية التي يمكن أن تساعد في إصلاح بيئة العمل السامة

تقع مسؤولية القضاء على آثار بيئة العمل السلبية إلى حد كبير على المديرين وموظفي الموارد البشرية ومن يشغلون المناصب التنفيذية المسؤولين عن محاسبة المتنمرين وإرساء ثقافة مؤسسية تحول دون تمكين المتنمرين. لكن، يظل بإمكان أي موظف، بغض النظر عن مستواه، الاستفادة من فهم علامات مكان العمل السام.

تقدم نوليدج سيتي دورات تدريبية قد تساعدك في التعرف على العلامات الأكثر شيوعاً التي تنم عن بيئة العمل السامة، كما تساعد في التعرف على ما يجب القيام به لمنع الضرر والحد منه. ومن الخيارات الأفضل والأكثر فائدة،:

  • المديرون الجدد والتشجيع على ثقافة الدعم: تستهدف هذه الدورة المديرين الجدد الذين يأملون في بناء ثقافة مؤسسية إيجابية ويحتاجون إلى التوجيه بشأن كيفية بناء الثقة في مكان العمل. كما قد يجد المديرون الأكثر خبرة هنا بعض النصائح القيمة أيضاً
  • التواصل الفعال: يعد ضعف التواصل أحد الأسباب الجذرية وراء ظهور ثقافة سامة في مكان العمل، لكنها مشكلة يمكن حلها. تعلُّم طرق تحسين مهارات التواصل ووضع الحدود والحفاظ عليها والتعبير عن الاحتياجات، قد يساعد كثيراً في إصلاح ثقافة مكان العمل السيئة.
  • مشكلة التنمر في مكان العمل: تعمق في تبعات التنمر في مكان العمل وتأثيره السلبي على الموظفين على المستويين الفردي والجماعي على حدٍ سواء. معرفة علامات التنمر تسهل تصميم بروتوكولات أقوى لحماية الضحايا ومحاسبة المخطئين كما ينبغي.
  • مواجهة التوتر في العمل: يضاعف التوتر الناشئ عن العمل من سلوكيات التنمر ويزيد من حدة الضغوط التي يعاني منها الضحايا أيضاً. تبذل بيئات العمل الصحية جهداً لتخفيف التوتر كلما أمكن، لذلك قد يحتاج الموظفون حبيسو ثقافة العمل السامة إلى المهارات التي تقدمها هذه الدورة لحماية أنفسهم أثناء بحثهم عن فرصة عمل جديدة.
  • الذكاء العاطفي: يزداد التركيز على الذكاء الأكاديمي والعلوم غير المؤكدة المستخدمة في قياس معدل الذكاء، ونسي الكثيرون أهمية الذكاء العاطفي في البيئات المهنية والشخصية على حد سواء. تتمتع أماكن العمل التي تمنح الأولوية للذكاء العاطفي في القيادة والثقافة والتعامل مع الموظفين، بحياة أكثر تعاطفاً وتوازناً وقوة داخل المكتب وخارجه.

صُممت جميع تلك الدورات التدريبية لدعم صحة الأفراد والشركة ككل.

الخاتمة

تدفع بيئات العمل السامة العديد من الموظفين لليأس، حيث يفترضون أن الأمور لن تتحسن. عندما تبدأ علامات مكان العمل السام في الظهور، يأتي دور موظفي الموارد البشرية والمديرين والمسؤولين التنفيذيين وغيرهم من صانعي القرار الرئيسيين لاتخاذ الإجراءات اللازمة. تتوقف سلامة العاملين والشركة بشكل عام على تحملهم مسؤولية المشكلات المتعلقة بثقافة الشركة.

برامجنا التدريبية المتخصصة سوف تمنحك التدريب والتعليم في المجالات المرتبطة بمجموعة واسعة من التخصصات المهنية. تصفح مكتبتنا الكاملة من الدورات التدريبية بالفيديو لتجد ما تحتاج إليه لتقويم ثقافة العمل السلبية في شركتك.

المقال التالي
المقال السابق
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك في نشرتنا الدورية

انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.

حدد المواضيع التي ترغب في الاشتراك فيها