أخلاقيات متابعة إنتاجية الموظفين

أخلاقيات متابعة إنتاجية الموظفين

لا تكون مديراً متسلطاً: كيف تكسب ثقة الموظفين وتتابع إنتاجيتهم بصورة أخلاقية

تُعد متابعة إنتاجية الموظفين أمراً ضرورياً لأي شركة تسعى نحو التحسُّن المستمر، إلا أن أحدث التقنيات الجديدة أتاحت إمكانية متابعة الموظفين إلى درجة تدفعنا إلى طرح سؤالين مهمين: كيف نوازن بين إيجابيات متابعة أداء الموظفين وسلبياتها؟ وكيف نحقق أفضل استفادة من هذه الممارسة دون التعدي على حقوق الموظفين؟

أخلاقيات متابعة إنتاجية الموظفين

أخلاقيات متابعة إنتاجية الموظفين

تعريف متابعة أداء الموظفين

توجد أشكال عديدة من متابعة الأداء، ويمكنك تحديد أي شكل منها بالإجابة عن السؤالين التاليين:

  • ما الذي تتابعه بالضبط؟
  • ما مدى دقة البيانات التي جمعتها؟ ويُعرف ذلك بمستوى دقة التفاصيل.

تجري جميع الشركات تقريباً تقييمات عامة لإنتاجية الموظفين، عادة ما يكون ذلك من خلال حساب ساعات العمل ومقارنتها بإجمالي الأعمال المُنجزة.

لكن، خلال العقد الماضي ظهرت تقنيات جديدة تسمح للشركات بمتابعة نشاط الموظفين وقياسه بمستويات من الدقة أعلى من أي وقت سابق.

مثلاً تتابع المؤسسات دائماً أوقات عمل موظفيها، وحتى وقت قريب لم يكن ذلك ممكناً سوى على مستوى منخفض جداً من الدقة، أي باستخدام بطاقات الدوام التي تسمح لأصحاب العمل بمتابعة ساعات عمل الموظف التي تبدأ بتسجيل الحضور وتنتهي بتسجيل الانصراف.

لكن على مدى السنوات العشر الماضية، أتاحت التقنيات الجديدة للشركات إمكانية الحصول على أوقات عمل الموظفين بمستوى من الدقة أعلى بكثير مما سبق، مثل استخدام برمجيات مثبتة على أجهزة الموظفين للكشف عن وقت نهوض الموظف من على كرسي العمل للذهاب إلى الحمام، أو الوقت الذي توقف فيه عن متابعة عمله للرد على رسالة.

صُممت هذه المجموعات الجديدة من برمجيات الرصد لمنح أصحاب العمل نظرة عالية الدقة لأي جانب من جوانب حياة الموظفين قد يرتبط بأنشطة عملهم. واليوم، يستخدم ما يقرب من 75% من الشركات الأمريكية بعض سُبل متابعة الموظفين عالية الدقة.

إيجابيات متابعة أداء الموظفين وسلبياتها

كما هو الحال مع أي تقنية جديدة، تنطوي تقنيات متابعة الأداء على منافع ومخاطر. فمن جانب، تؤكد هذه التقنيات لأصحاب العمل عدم إهدار الموظفين ساعات العمل.

لكن، قد تتجاوز بعض التقنيات الحد لتصل إلى انتهاك حقوق الموظفين في الخصوصية، من خلال متابعة أمور مثل استخدام دورات المياه، أو مجرد وضع توقعات غير عادلة أو غير منطقية تفرض عقوبات على الموظفين في حالة جلوسهم دون حركة أو توجيه أنظارهم بعيداً عن شاشات أجهزة الحاسوب.

من الأمور التي تحظى باتفاق عام هي وجود خط أخلاقي ينبغي ألا يتجاوزه أصحاب العمل عند متابعة الموظفين، على الأخص مع تزايد الوعي بأن العديد من ممارسات متابعة الموظفين قد تتجاوز الخط الأخلاقي. لكن أين يقع هذا الخط؟ وكيف نقف على الجانب الصحيح منه؟

متابعة أداء الموظفين تعود بالعديد من الفوائد على أصحاب العمل، فحتى أشدهم حرصاً على حماية خصوصية موظفيهم قد يستخدمون إصدارات معينة من هذه البرامج لأنها تتيح لهم متابعة طرق استخدام البيانات بشكلٍ مستمر، وقد يكون ذلك ضرورياً للتعامل مع حالات اختراق البيانات أو عمليات مراجعة الامتثال. ويمكنهم أيضاً التحكم في أجهزة الحاسوب عن بعد للمساعدة في اكتشاف المشكلات الطارئة وإصلاحها أو تحليل نشاط الموظفين لتحديد الخط المرجعي لإنتاجية الموظفين.

من السهل إدراك سبب حاجة أصحاب العمل إلى هذه الفوائد، فبما أن زيادة البيانات المتاحة يؤدي إلى زيادة الأفكار والرؤى اللازمة لاتخاذ القرارات الأنسب، تستثمر الشركات في أدوات توفر لها أكبر قدر ممكن من المعلومات.

هذه الممارسة التجارية ليست حديثة العهد، فقد أسست شركة فورد موتورز قسماً كاملاً في عام 1913 يُدعى قسم فورد الاجتماعي. كان هذا القسم مكلفاً ليس بمتابعة أداء الموظفين فقط، بل أيضاً مراقبتهم سراً خارج أوقات العمل لمعرفة إذا كانوا يتناولون المشروبات الكحولية أو يهتمون بالنظافة الشخصية أو يتمتعون بما يطلق عليه فورد علاقات زوجية “لائقة”.

شكلت ممارسات شركة فورد في متابعة الموظفين انتهاكاً شديداً وجائراً لحقوق الموظفين الأساسية في التمتع بالخصوصية والتحرر من التمييز. لكن اليوم، تستطيع الشركات ببساطة شراء برمجيات توفر لها بيانات عن موظفيها تفوق ما كان يمكن أن يجمعه القسم الاجتماعي في شركة فورد. في العديد من المجالات، أصبحت الأشكال عالية الدقة من طرق متابعة الموظفين أمراً طبيعياً، حتى خارج ساعات العمل.

منذ عام 2018، أفصحت 94% من الشركات الكبرى عن أنها تراقب سجل تصفح الإنترنت واستخدام الهاتف ورسائل البريد الإلكتروني لموظفيها، وذلك على أقل تقدير. بل ذهبت العديد من الشركات إلى أبعد من ذلك، وطلبت تثبيت برمجيات للمتابعة على أجهزة الحاسوب والهواتف تمنح أصحاب العمل مجموعة واسعة من الإمكانيات، منها:

  • عرض قوائم جهات الاتصال
  • تسجيل المكالمات الهاتفية
  • عرض سجلات الرسائل النصية
  • رصد موقعهم باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)
  • تسجيل الأصوات والمحادثات المحيطة
  • مشاهدة جميع الصور وتسجيلات الفيديو
  • الاطلاع على سجل المتصفح
  • رصد نشاط لوحة المفاتيح والفأرة
  • متابعة تحركات الموظفين عبر الكاميرات الإلكترونية

متى تتجاوز متابعة الأداء الحد المسموح به؟

يحق لأصحاب العمل معرفة أمور معينة عن موظفيهم، مثل إذا كانوا يقضون ساعات العمل على النحو المطلوب أو يتعاملون مع معدات الشركة بشكل صحيح، أو إذا كانوا يتمتعون بصحة بدنية جيدة.

لكن كيف نعرف إذاً متى تتجاوز متابعة الأداء الحد المسموح به؟ توجد بعض الأسئلة التي يمكن أن تساعدك على معرفة إجابة هذا السؤال في أغلب الحالات:

  • هل تم إخطار الموظفين بالمعلومات التي تُجمع عنهم وطرق جمعها بصورة واضحة ومباشرة؟
  • هل وافق الموظفون بشكل واضح وصريح على الخضوع للمراقبة بكل تلك الطرق المختلفة؟
  • هل تؤدي ممارسات مراقبة الموظفين إلى ظهور دوافع قد تلحق الضرر بالمؤسسة؟ هل تساهم هذه الممارسات في نشر ثقافة مؤسسية سيئة؟
  • هل المعلومات المجمَّعة تُستخدم لزيادة كفاءة الشركة ورفاهية موظفيها وعملائها فقط لا غير؟

طبقت بعض الشركات أنظمة تراقب وقت ذهاب الموظف إلى دورة المياه، أو مرور أكثر من بضع دقائق دون استخدام الموظف للفارة أو لوحة المفاتيح، ثم يُخصم هذا الوقت من راتبه. وليس من الصعب أن تتخيل استخدامات أخرى أكثر تطرفاً، مثل تتبع حركات أعين الموظفين ورفض دفع أجور الموظفين مقابل الوقت الذي كانت فيه أعينهم مغمضة لفترة طويلة، أو عندما لا يركزون على شاشة أجهزة الحاسوب.

ختاماً…

في الوقت الحالي، أصبحت متابعة الموظفين منتشرة للغاية حتى أنها باتت ببساطة أمراً طبيعياً في الشركات الكبيرة. ومع التزايد المستمر لتعقيد البرمجيات، صارت المنافع التي تعود على الشركات مغرية للغاية حتى أصبح يستحيل على القادة تبرير الامتناع عن استخدامها.

تعد هذه لحظة فارقة في تاريخ الشركات، فبينما ستستفيد الشركات بشكل عام، لا مفر من تجاوز البعض الحد المسموح به وإلحاق الضرر بسمعتهم أو علاقتهم بموظفيهم أو ثقافتهم المؤسسية.

للتأكد من عدم تجاوز الخط الأخلاقي في جمع البيانات، يتعين على رؤساء الشركات الالتزام بأربع نقاط:

  • التدقيق المستمر لتفاصيل برامج المراقبة
  • السياسات التي تحافظ على حقوق موظفيهم، والتي لا تقتصر على الخصوصيات الأساسية التي يتوقعها الجميع، لكن تشمل أيضاً حق الموظف في اختيار نمط الحياة الخاص به خارج ساعات العمل
  • الشفافية، من خلال عرض التفاصيل الكاملة لبرامج تتبع الموظفين بوضوح في جميع الأوقات
  • الالتزام بجمع المعلومات واستخدامها لغرض زيادة الكفاءة وتعزيز رفاهية الموظفين والعملاء فقط لا غير

ستساعدك هذه الالتزامات الأربعة على تجنب مخاطر المتابعة المفرطة للموظفين، مع الاستمرار في الحصول على معلومات قيمة من هذه التقنيات الجديدة، لأن العمل الأخلاقي هو في نهاية المطاف عملاً ذكياً.

إذا كنت أحد القادة الذين يرغبون في تطبيق هذه المبادئ في مؤسستك لتحسين أداء الموظفين، يمكنك التعمق في هذا الموضوع وغيره من الموضوعات مع نوليدج سيتي. ستساعدك دوراتنا التدريبية حول تقييم أداء الموظفين وقياس الأداء الفردي وإدارته على اكتساب مهارات جديدة. لقد صممنا دوراتنا التدريبية بحيث تتمكن من الوصول إليها سواء كنت تعمل عن بُعد أو في المكتب أو في بيئة عمل تجمع بين الاثنين.

المقال التالي
المقال السابق
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك في نشرتنا الدورية

انضم إلى أكثر من 80,000 من خبراء الموارد البشرية واحصل على أفضل النصائح والإرشادات المتعلقة بالتدريب والتوظيف مباشرة على بريدك الإلكتروني. انضم وكُن من أفضل مديري الموارد البشرية الآن.

حدد المواضيع التي ترغب في الاشتراك فيها